مقالة المستشار / احمد علوي الجزار - تلخيص وثيقة الأمم المتحدة بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الإلكترونية وتنفيذها

المستشار / احمد علوي الجزار- مستشار رئيس المجلس العربي الافريقي للتكامل والتنمية المستشار الخاص لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الامم المتحدة
تلخيص وثيقة الأمم المتحدة بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الإلكترونية وتنفيذها
أولًا: المقدمة
تناولت الوثيقة الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (UNCITRAL) الاعتراف بقرارات التحكيم الإلكترونية وتنفيذها في ظل التوجه المتزايد نحو التحول الرقمي في المعاملات التجارية الدولية. وتشير الوثيقة إلى الحاجة إلى تحديث القوانين الدولية والمحلية لضمان مساواة القرارات التحكيمية الإلكترونية بنظيراتها التقليدية الصادرة ورقيًا.
ثانيًا: أهمية التحكيم الإلكتروني في التجارة الدولية
التحكيم الإلكتروني أصبح جزءًا أساسيًا من بيئة التجارة الرقمية الحديثة، حيث يتم إجراء المرافعات وتقديم الأدلة وإصدار الأحكام عبر منصات إلكترونية. وتبرز الوثيقة ضرورة إضفاء الشرعية على هذه القرارات التحكيمية لضمان تنفيذها عالميًا، خاصةً في ظل غياب إطار قانوني موحد.
ثالثًا: علاقة التحكيم الإلكتروني باتفاقية نيويورك 1958
تشير الوثيقة إلى أن اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها قد وُضعت في سياق قانوني يعتمد على الوثائق الورقية، مما يثير تساؤلات حول مدى شمولها للقرارات الصادرة إلكترونيًا. ومع ذلك، تقترح الوثيقة أن اتفاقية نيويورك يمكن تفسيرها بشكل مرن لقبول القرارات التحكيمية الإلكترونية، بشرط توافر وسائل تحقق موثوقة لضمان صحة القرار.
رابعًا: التحديات القانونية والتقنية للتحكيم الإلكتروني
1. التوقيع الإلكتروني:
• هناك جدل حول ما إذا كان التوقيع الإلكتروني يحقق نفس القوة القانونية التي يتمتع بها التوقيع التقليدي على قرارات التحكيم.
• بعض الدول لا تزال تشترط توقيعًا ورقيًا للاعتراف بالقرارات التحكيمية.
2. حماية البيانات وسلامة المستندات الرقمية:
• الحاجة إلى أنظمة تحقق إلكترونية لضمان عدم التلاعب بقرارات التحكيم الصادرة عبر الإنترنت.
• استخدام تقنيات التشفير والبلوك تشين لضمان موثوقية المستندات التحكيمية.
3. إجراءات الإنفاذ:
• بعض الأنظمة القضائية قد لا تعترف بالوثائق الرقمية كأدلة رسمية، مما يعرقل تنفيذ القرارات التحكيمية الإلكترونية.
• الحاجة إلى توحيد معايير التنفيذ دوليًا.
خامسًا: التوصيات والمقترحات
1. تحديث اتفاقية نيويورك أو إصدار بروتوكول تكميلي يوضح كيفية تطبيقها على القرارات التحكيمية الإلكترونية.
2. وضع معايير دولية موحدة للتوقيع الإلكتروني والمصادقة على المستندات التحكيمية الإلكترونية لضمان الاعتراف بها دوليًا.
3. تعزيز الاعتراف القانوني بالتحكيم الإلكتروني عبر دمج مفاهيمه في التشريعات الوطنية الخاصة بالتحكيم.
4. إنشاء منصات تحكيم إلكترونية معتمدة لضمان الامتثال للمعايير القانونية والتقنية الدولية.
رأي حول ما تقدم
من وجهة نظري القانونيّة، يتضح أن التحكيم الإلكتروني أصبح ضرورة ملحّة في ضوء التطورات الرقمية، ولكن لا تزال هناك تحديات قانونية وتقنية تعيق تنفيذه على المستوى الدولي. وفي هذا الإطار، يمكن تقديم الملاحظات التالية:
1. إمكانية الاعتماد على اتفاقية نيويورك 1958 مع التفسير الموسع
• الاتفاقية لم تحدد شكل قرارات التحكيم (ورقية أو إلكترونية)، لذا يمكن تكييفها لاستيعاب القرارات الإلكترونية بشرط توافر ضمانات قانونية وتقنية مناسبة.
2. الحاجة إلى تطوير التشريعات المحلية
• كثير من القوانين الوطنية لا تزال تعتمد على صياغات تقليدية لا تشمل التحكيم الإلكتروني، مما يستوجب تعديلات قانونية لضمان قابلية التنفيذ.
3. مخاطر الطعن على قرارات التحكيم الإلكترونية
• في حال عدم وجود إطار قانوني واضح، يمكن أن تواجه القرارات الإلكترونية طعونًا بشأن صحة التوقيع، سلامة المستندات، أو عدم الامتثال للإجراءات التحكيمية التقليدية.
4. ضرورة وجود توافق دولي بشأن التحكيم الإلكتروني
• بدون اتفاق دولي موحد، ستظل هناك مشكلات تتعلق بالاعتراف والتنفيذ، مما قد يحد من فعالية التحكيم الإلكتروني كوسيلة لحسم النزاعات التجارية الدولية.
الخلاصة
تُعد الوثيقة خطوة إيجابية نحو تقنين التحكيم الإلكتروني، لكنها تكشف عن الحاجة إلى إصلاحات قانونية وتشريعية لضمان قبول هذه القرارات على نطاق واسع. ومن الناحية العملية، يجب أن تعمل الدول على تطوير أطر قانونية واضحة تدعم التحكيم الإلكتروني، مع ضمان التوافق الدولي والتقني لتجنب التعارض بين التشريعات المحلية والمعايير العالمية.